تعتبر قضية الأسواق وكيفية تعامل الدولة معها من الأمور المثيرة للجدل في مصر. ما بين الإزالة أو التقنين أو إعادة البناء، لا تزال الدولة غير قادرة حتى يومنا هذا على إيجاد أسلوب مناسب للتعامل مع الأسواق بحيث تحقق رغبة الدولة في تقنين الأوضاع القانونية للباعة وتنظيم عملية إدارة الأسواق من ناحية، مع الحفاظ على المنظومة القائمة في عملية البيع والشراء والتي تحقق أقصى استفادة للباعة وتحترم عادات الناس الشرائية من ناحية أخرى. من بين محاولات عديدة لتدخل الدولة في عملية تقنين الأسواق – والتي باء الكثير منها بالفشل – نرصد وضع أحد الحالات الناجحة وهي حالة سوق ميت عقبة، والتي تعد تجربة جديرة بالاهتمام والتحليل والمقارنة مع تجارب أخرى للتأمل في عوامل نجاحها أو فشلها.
لم يتغير موقع سوق ميت عقبة الحالي كثيراً عن موقعه القديم الذي يرجع لعشرات السنين. فقد كان الباعة يفترشون الأرض لعرض بضائعهم في قطعة أرض فضاء هي الآن الموقع الحالي لمركز شباب ميت عقبة. وتتنوع البضائع المعروضة بالسوق، فالغالبية العظمى من نشاط السوق يقوم على بيع الخضر والفاكهة واللحوم والأسماك، مع بعض الأنشطة الأخرى المتنوعة مثل الملابس الجاهزة والعطارة والمنظفات وغيرها وإن كانت بأعداد قليلة. في عام 1976عندما تقرر بناء مركز الشباب، تم بناء سور ليحيط بقطعة الأرض ولم يعد في استطاعة الباعة الوقوف بها. بدأ الباعة عندها في افتراش المنطقة الممتدة بمحاذاة سور مركز الشباب، كل في المكان الذي يختاره وبالاتفاق فيما بينهم. استقر الباعة بهذا المكان وقاموا بإنشاء عشش من الصفيح والمواد البسيطة المتاحة لتأوي بضائعهم. في سنوات لاحقة، بدأت الحكومة في أعمال تقنين أوضاع الأسواق وإدخالها في النظام الرسمي للدولة، وفى تلك الفترة، بدأ الباعة بسوق ميت عقبة يتعرضون للمطاردة من قبل موظفي البلدية باعتبارهم باعة غير رسميين. وظل الوضع كذلك حتى صدر قرار من الحي بتطوير سوق ميت عقبة بحلول عام 2000.
نشأة الفكرة وتطورها
نشأت الفكرة عندما تقدم مدير مركز الشباب بشكوى إلى الحي والمجلس المحلى، يعبر فيها عن استيائه من وضع السوق بحالته “غير الحضارية” وعدم ملائمة ذلك الوضع لأن يكون ملاصقاً لمركز الشباب ومن ثم يسئ إلى صورة المركز والمنطقة. اتخذت إدارة الحي والمجلس المحلى حينها إجراءات لتقنين وضع الباعة بالسوق وتطوير حالته البنائية. بدلاً من إزالة الباعة ونقلهم لمكان آخر، كان القرار الذي اتخذ وقتها هو الإبقاء على الباعة مع تطوير حالة السوق. بناء عليه، أرسلت إدارة الحي إلى جميع الباعة رسم كروكي يوضح التصميم المطلوب تنفيذه لتطوير وحدات البيع بالسوق. واشترطت إدارة الحي على الباعة الانتهاء من تنفيذ أعمال تطوير الوحدات في خلال مدة محددة حتى يتسنى للباعة البقاء في السوق وإلا سوف تتم إزالتهم. كان هذا التصميم عبارة عن بناء حائطين من الطوب بقياسات وارتفاعات محددة مع تجليد هذين الحائطين بالطوب الحراري وتغطية الحائطين بسقف خرساني. وتم الاتفاق على أن يتم بناء الباكيات (وحدات البيع) في نفس موقع الباعة الأصلي بمحاذاة سور مركز الشباب.
الموارد ومصادر التمويل
اتفق الباعة سوياً على الاشتراك في تنفيذ الأعمال المطلوبة من الحي . فتكونت مجموعات يشمل كل منها خمسة أو ستة بائعين يقومون بالاتفاق مع احد المقاولين لتنفيذ أعمال المباني وصب السقف الخرساني لكل الباكيات مرة واحدة لتقليل التكلفة. تحمل الباعة جميع تكاليف الإنشاءات، وحسبما يذكر أحد الباعة، فان هذه الإنشاءات قد تكلفت ما يفوق الألفي جنيه لكل وحدة، وقد اضطر بعضهم إلى الاقتراض من أجل سداد هذه المبالغ.
بعد تقنين الوضع، أصبح الباعة مستأجرين لوحدات البيع من إدارة الحي ويدفع كل منهم حالياً مصاريف سنوية للترخيص تبلغ حوالي ثلاثمائة جنيهاً بالإضافة إلى الإيجار الشهري وقدره 41 جنيهاً وهو ما يعتبر مبلغاً زهيداً مقارنة بأسعار إيجار الوحدات في أسواق أخرى مثل سوق بولاق أبو العلا الذي يتراوح إيجار الوحدة فيه من 90 إلى 110 جنيهاً. يبلغ عدد الوحدات الموجودة بسوق ميت عقبة 187 وحدة تم بنائها جميعاً بنفس الطريقة، ومن خلال الملاحظة عند زيارة السوق في أوقات مختلفة نجد أن الغالبية العظمى من الوحدات مفتوحة ومستخدمة.
العقبات
منذ إنشاء الوحدات والباعة في انتظار أن تقوم الحكومة بتوصيل الكهرباء إلى وحداتهم، وقدم الباعة العديد من الطلبات بلا جدوى. لذا اضطر البعض منهم إلى توصيل الكهرباء من العمارات المقابلة للسوق ومشاركة السكان في الفاتورة مما يضطر الباعة إلى دفع تكاليف أكثر من استهلاكهم الحقيقي. وبسؤال احد المسئولين بالحي، أكد على أن مشروع توصيل الكهرباء للسوق سوف يتم الانتهاء منه قريباً جداً. فقد تم الاتفاق مع شركة الكهرباء وإرسال مقايسة الأعمال لجميع المستأجرين بتكلفة 590 جنيهاً لكل وحدة يجب عليهم دفعها قبل منتصف عام 2013. كما أشار بعض أعضاء اللجنة الشعبية بميت عقبة بأنهم يقومون بالمتابعة مع الجهات المسئولة حتى يتم إتمام إجراءات إدخال الكهرباء للسوق لما يمثله هذا الأمر من أهمية لدى الباعة.
بعكس العديد من الحالات التي شهدت تدخلاً حكومياً لتنظيم الأسواق، لم تتأثر حركة رواج البضائع بسوق ميت عقبة بشكل سلبي بعد تنظيمه. فعلى سبيل المثال، وفي حالة سوق بولاق أبو العلا، قامت إدارة الحي بتطوير السوق عن طريق بناء وحدات جديدة بتصميم جديد. وبعكس النتائج المرجوة، هجر الباعة سوق بولاق أبو العلا لضعف الإقبال عليه بسبب تصميمه المنغلق الذي يحرمهم من التفاعل مع المشترين المارين بالشارع . ولكن في حالة سوق ميت عقبة نجد، وفقاً لشهادات بعض المواطنين، أن الوضع العام للسوق تحسن بعد بناء وتحديد الوحدات وذلك من الناحية البيئية والصحية والجمالية. ولكن بصفة عامة يشكو الباعة في سوق ميت عقبة من إنشاء محور 26 يوليو الذي قام بتقسيم المنطقة إلى نصفين مما أدى إلى ضعف الإقبال على السوق، خاصة من سكان المناطق المجاورة مثل سكان المهندسين. فقد اعتاد بعض سكان المناطق المجاورة (الأعلى في المستوى الاقتصادي) شراء احتياجاتهم من سوق ميت عقبة نظراً لانخفاض أسعاره وجودة بضائعه خاصة بالنسبة للخضر والفاكهة. لكن نظراً لطول المسافة والاضطرار الى العبور من فوق سلم المشاة بعد إنشاء المحور، فقد قل الإقبال على السوق.
الاستدامة الاجتماعية
ساهم توجه تطوير السوق بدلاً من نقله وإزالة الباعة العاملين به إلى الحفاظ على الباعة الأصليين الموجودين بالسوق. فغالبية الباعة بالسوق يسكنون في ميت عقبة منذ سنوات عديدة وبعضهم قد ولد فيها، ولا يعرفون مكاناً غير هذا السوق ليمارسوا فيه نشاطهم الذي يتكسبون منه. لذا كانت لهؤلاء الباعة الأولوية في استئجار الوحدات الجديدة. ولذلك أثر اجتماعي هام، تحديداً في منطقة مثل ميت عقبة، فالباعة يرتبطون بصورة أصيلة بالشبكات الاجتماعية والاقتصادية القائمة بها، ويعتبر محيطهم الاجتماعي وعملهم هذا هو مصدر رزقهم الوحيد لمواجهة أعباء المعيشة.
الاستدامة البيئية
تحسنت حالة السوق بيئياً بعد بناء الوحدات الجديدة حيث أصبح المكان أكثر نظافة وتنظيماً وأقل عرضة للتلوث. جدير بالذكر أن الباعة هم من يقومون بالنظافة والتنظيم وجمع القمامة بأنفسهم بدون دعم مباشر من الحي، وفى بعض الأحيان يقومون بالاستعانة ببعض الأفراد البسطاء من أهل المنطقة لنقل القمامة مقابل مبلغ بسيط يقومون بجمعه. لذا، وبرغم جهود الباعة، يفتقد سوق ميت عقبة ومثله في هذا غالبية الأسواق المصرية لمنظومة بيئية متكاملة تتعامل مع أنواع المخلفات المختلفة التي تنتجها مثل هذه الأسواق.
الاستدامة الاقتصادية
في محاولات عديدة قامت بها الجهات الحكومية لتطوير الأسواق تم إهدار الكثير من الأموال من أجل إزالة الأسواق القائمة وإنشاء أسواق جديدة بالكامل لنقل الباعة إليها. حدث ذلك على سبيل المثال في سوق بولاق أبو العلا الذي لم يستطع الباعة المكوث فيه بعد بنائه نظراً لعدم ملائمته لاحتياجاتهم، لتصبح جميع الأموال التي صرفت عليه مهدرة بلا طائل. لكن في حالة سوق ميت عقبة، تم الاستغناء عن النفقات الباهظة والابتعاد عن احتمالية إهدار المال العام عن طريق تحديد دور الإدارة المحلية في عمليات التقنين وتوفير التصميم المعماري فقط ووضع الخطوط العريضة لعملية التطوير، ومن ثم الاعتماد على التنظيم الذاتي للأهالي من أجل تنفيذ أعمال التطوير. بالتأكيد يمثل ذلك من ناحية أخرى عبئاً على الباعة الذين قد لا يملك بعضهم الإمكانيات اللازمة لتنفيذ التصميم المطلوب من الحي، وقد يؤدى ذلك ببعض الباعة إلى ترك مكانهم في السوق والبحث عن موقع آخر لعرض بضائعهم. لذا يتطلب الأمر المزيد من الاهتمام من قبل الجهات التنفيذية لدراسة الحالات الاجتماعية للباعة ومراعاة حالاتهم المادية، كذلك المزيد من المرونة من اجل تحقيق التكافؤ والعدالة للجميع. يخضع السوق الآن لإدارة الجهة المسئولة بحي العجوزة، وهى إدارة الأسواق، إلا أنه بسؤال الباعة اتضح أن من يقوم بأعمال الصيانة والنظافة وما إلى ذلك هم الباعة بأنفسهم وعلى نفقتهم الخاصة.
مازالت الدولة تبحث عن آليات وحلول للأسواق العشوائية في جميع المناطق سواء الحضرية أو الريفية. ولا يبدو أن هناك آلية محددة متَبعة ومتكررة للتعامل مع هذه الأسواق وكيفية تطويرها. يمكن الاستفادة من دراسة وتحليل تجربة سوق ميت عقبة والعديد من الأسواق المماثلة عند التفكير في تطوير أسواق أخرى في المستقبل. فالعامل الأساسي في تحليل هذه التجربة هو رصد درجة وكيفية تدخل الدولة في عملية تنظيم السوق، وهل كانت تدخلات الدولة تنفيذية، أم إجرائية فقط، والى أي مدى. وتطرح حالة سوق ميت عقبة بعداً آخراً وهو الاهتمام بالأبعاد الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للباعة ولمستخدمي الأسواق على السواء عند التصميم، وهو ما يؤثر تأثيراً مباشراً على كفاءة الأسواق واستخدامها الاستخدام الأمثل. لذا، وفي غياب تحليل حقيقي لمثل هذه الحالات، يصعب تكرار النجاحات أو تجنب الإخفاقات في الأسواق الأخرى التي تتدخل فيها الدولة.
للوهلة الأولى قد يبدو الوضع الحالي لسوق ميت عقبة عادياً وليس به ما يلفت النظر، لكن لا يمكن تحليل جوانب التميز والاختلاف في هذه التجربة عن مثيلاتها دون استقراء تاريخها ومراحل تطورها. كذلك لا يمكن فهمها والاستفادة منها دون دراسة تجارب أسواق شعبية أخرى حاولت الإدارة المحلية تقنينها عن طريق إعادة تصميمها بالكامل. ففي أغلب الأحوال تتم عملية تطوير الأسواق أو نقلها وإعادة تصميمها بدون الالتفات إلى المحددات الثقافية والاجتماعية لحركة البيع والشراء، أو إجراء دراسات سلوكية لعمليات التسوق القائمة قبل عملية إعادة التصميم أو الإزالة. كذلك لا تتم مراعاة كفاءة مسارات الحركة في التصميم الجديد بحيث تتوفر للباعة فرص متكافئة لرؤية بضائعهم من قبل المتسوقين. ولا تتم مراعاة الجوانب الوظيفية والبيئية من ناحية توفير خدمات مثل دورات مياه نظيفة للباعة والمتسوقين، أو توفير سبل تخزين لائقة البضائع بما يمنع تلفها، أو نظم إدارة بيئية للمخلفات المختلفة للأسواق. كما يغيب عن الأسواق جوانب التنظيم المجتمعي التي تسمح بتكوين روابط أو نقابات للبائعين تحمي حقوقهم وتوفر لهم الدعم اللازم عند الحاجة.
يعد كل ما سبق معايير تصميمية وتنظيمية أساسية يجب مراعاتها في أي تصميم لمنشئات تجارية سواء كانت سوقاً شعبياً أو مركزاً تجارياً حديثاً. مثال على ذلك الخلل في منظومة تصميم وإدارة الأسواق في مصر، سوق بولاق أبو العلا الذي قامت محافظة القاهرة بإنشائه في شارع بولاق الجديد منذ حوالي تسع سنوات بتكلفة وصلت لمئات الآلاف من الجنيهات في قلب أحد أكثر المناطق التجارية ازدهاراً بالقاهرة. لم ينجح تصميم السوق الجديد ومسارات الحركة به في توفير فرص لكافة الباعة لعرض بضائعهم على زبائن السوق بصورة متكافئة. كما أدى التصميم المنغلق للسوق إلى انفصاله عن محيطه الخارجي والحركة التجارية النشطة التي تدور حوله بالشارع، والذي يمتلئ بالباعة الجائلين. ويخالف هذا التصميم الجديد ما هو متعارف عليه في الأسواق الشعبية والتقليدية المنفتحة على الشارع، والتي تعطى للباعة والزائرين شعوراً باستمرارية السوق وتمنح المشترين الفرصة للمرور بأغلبية وحدات السوق أثناء سيرهم بالشارع. دفع تصميم سوق بولاق أبو العلا الجديد الباعة إلى تركه والعودة إلى افتراش الشارع مجدداً حيث حركة البيع والشراء أكثر رواجاً. وكنتيجة لذلك أصبحت معظم المحال بالسوق الجديد مغلقة وهو ما أهدر المال العام المستثمر فيه وساهم في تفاقم مشكلة ازدحام الشارع بالباعة.
وهنا نأتي للقضية الأهم، ألا وهي درجة تدخل الدولة في تنظيم عمل الأسواق أو العمران ككل. فحالتي سوق بولاق أبو العلا الجديد وسوق ميت عقبة هما طرفي نقيض لما يمكن أن تلعبه الدولة من أدوار مختلفة في هذا المجال. ففي الحالة الأولى (بولاق أبو العلا)، قامت الدولة بتخيل نموذجاً افتراضياً لما يجب أن يكون عليه السوق سواء من ناحية الوضع القانوني أو التنظيم أو التصميم المعماري، وهو ما يحدث في أغلب الأحوال دون التشاور مع الأطراف المعنية الحقيقية سواء من باعة أو مشترين. ولم تكتف الدولة بذلك، بل قامت بتنفيذ هذا التصور واستثمرت فيه أموالنا العامة حتى تم الانتهاء من بنائه.
أما في الحالة الثانية (ميت عقبة) فقد اكتفت الدولة بدور تقديم الدعم الفني والإداري ومحاولة تقنين وضع قائم منذ عشرات السنين والاعتراف به كنمط ناجح للتسوق أنتجه ويرتاح له الباعة والمشترون معاً. ربما كان الأمر نتيجة لقرار واع، أو محض مصادفة بالنسبة لسوق ميت عقبة حين قرر المسئولون بالحي الحفاظ على مكان وتشكيل السوق الأصلي. ربما اتخذ المسئولون هذا القرار نظراً لضيق مساحة السوق، أو عدم توفر إمكانيات لإنشاء سوق جديد كما حدث في أماكن أخرى ، أو ربما نتيجة للضغط الشعبي والسياسي للإبقاء على الباعة بالسوق. ولكن النتيجة التي نعلمها أن المسئولين لم يحاولوا إعادة اختراع العجلة لفرض رؤيتهم في كيفية تنظيم السوق، وأوكلوا مهمة التنفيذ إلى الأهالي والباعة أنفسهم الذين تعاونوا فيما بينهم لإتمام المهمة بكفاءة عالية وتكلفة تقل كثيراً عن التدخلات الحكومية المماثلة.
هنا يكمن أحد أسرار نجاح واستدامة هذا المدخل الذي يحترم ما هو قائم بالفعل، ويستفيد من خبرات المجتمع المتراكمة، ويبني على أصول المجتمع المادية والاجتماعية والاقتصادية القائمة ويضيف إليها بدلاً من تجاهلها وإهدارها كما نرى في الكثير من الأحيان. فالباعة الممارسين لهذا العمل منذ سنوات بسوق ميت عقبة كانوا هم الأقدر على ترتيبه وتنظيمه وإدارته بناء على خبرتهم ومعرفتهم بآلية سير العمل به. فيوم بعد يوم، يثبت الناس أنهم الأكثر دراية بما يناسبهم، وأنهم الأكثر إبداعاً وقدرة على تقديم حلول ناجحة لمشاكلهم المختلفة.
لا يقتصر ذلك الأمر على سوق ميت عقبة فقط، أو حتى قضية تنظيم وإنشاء الأسواق ككل، ولكن يمتد لجوانب عديدة من إدارة عمران مدننا المصرية المختلفة. فقد يكون من الأفضل في كثير من الأحيان أن تتخلى الدولة عن طموحاتها في إعادة تنظيم الطريقة التي نمارس بها حياتنا اليومية وفقاً لما تراه ملائماً لنا. وربما قد يكون اكتفاء الدولة بتقديم الدعم الفني والقانوني والتنظيمي الذي يسهل أمور حياتنا المختلفة، بدلاً من فرض حلول غير واقعية علينا، هو المدخل لتحسين حال عمراننا القائم.
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments