بقلم: لما فؤاد
هذا المقال هو نتاج ورشة عمل نظمتها مبادرة تضامن في كانون الثاني/ يناير 2017 بعنوان “اعرف مدينتك/ الإسكندرية”. وجميع الآراء الواردة في هذه المقالة هي آراء الكاتبة الخاصة ولا تعبّر عن وجهة نظر مبادرة تضامن.
تعدُّ منطقة بحري الواقعة إلى الغرب من الإسكندرية والمطلة على المرفأ الشرقي والغربي، واحدة من أقدم مناطق المدينة ويعتبرها كثيرون “الإسكندرية الحقيقية”. طرقاتها الضيقة المتلوية ومنازلها المؤلفة من طابقين مع بروز الطوابق العلوية وبازاراتها ووكالاتها (Okelles)[1] وورشها إلى جانب مساجدها الصوفية هي بعض من الأشياء التي منحت هذه المنطقة طابعها الفريد (Halim, 2013). ولكن المشهد اليوم في أقدم حي بالإسكندرية بات مختلفاً تماماً، فعدد كبير من هذه المنازل الصغيرة أصبح في حالة متداعية أو ارتفعت مكانه صفوف من العمارات السكنية الشاهقة، مما يضع البنية التحتية في المنطقة تحت ضغط الخدمات ويشكل تهديداً غير مسبوق لقلب المدينة التاريخي. وتتحمل حالة الاضطراب السياسي خلال السنوات القليلة الماضية المسؤولية بصورة جزئية ولا شك، إن لم نقل بصورة رئيسية، عن اندثار هذه المنطقة التاريخية، إلا أنه ثمة عوامل أخرى أسهمت في ذلك من قبيل التصورات القائمة أصلاً عن المنطقة والتي ترسخت منذ زمن طويل. وتعود أصول هذه التصورات على الأرجح إلى أوائل القرن التاسع عشر مع تأسيس الإسكندرية الحديثة والتركيز على الانتقال إلى الأحياء الأوروبية الجديدة فيها.
بحري بالأرقام
المحافظة: الإسكندرية
قسم: الجمرك
المساحة: تبلغ المساحة الإجمالية لقسم الجمرك 4.7 كيلومتر مربع حسب محافظة الإسكندرية. أما بالنسبة لحي بحري نفسه، فهو لا يتبع بصفة واضحة لأية حدود رسمية. ولكنه يشمل، كما يحدده بعض قاطنيه، قلعة قايتباي وقصر رأس التين ويمتد لغاية طريق نصر وميدان المنشية بمساحة كلية تصل إلى نحو 2.8 كيلومتر مربع.
السكان: لا توجد إحصائيات سكانية لحي بحري، غير أن المصادر قدّرت عدد سكان قسم الجمرك بنحو 145,558 نسمة سنة 2008. فيما قدّرت مصادر إخبارية أحدث أن عدد سكانه بلغ 187,000 نسمة في عام 2015.
حكاية بحري
عندما كانت الإسكندرية مركز العالم الهيليني، كانت المنطقة التي يشغلها بحري اليوم أو البلدة التركية ذات يوم هي ممر الهيبتاستاديوم، أي الجسر الذي يربط البر الرئيسي بجزيرة الفراعنة مشكلاً المرفأين الشرقي والغربي (Hanafi, 1993).[2] ظلت الإسكندرية عاصمة مصر حتى الفتح العربي سنة 641 ميلادية عندما انتقل الاهتمام إلى عاصمة جديدة هي الفسطاط (القاهرة اليوم) (دسوقي، 2012). وبما أن مصالح الفتح العربي كانت تتركز داخل البلاد بعيداً عن البحر أو الحدود، فقد تعرضت الإسكندرية للإهمال فكان ذلك بمثابة إيذان ببدء عصر أفولها (Abdel-Salam, 1995). ورأى الكاتب البريطاني الشهير لورنس دوريل هذا الفتح علامة على أفول نجم الإسكندرية الذي بدأ يرخي سدوله (Fahmy, 2012). ومع تناقص عدد السكان أُعيد بناء أسوار المدينة كي تحيط بمساحة أصغر (Hanafi, 1993) . ونمت مدينة جديدة خارج أسوار الإسكندرية وفوق المنطقة الواقعة بين المرفأين الناتجة عن تراكم الطمي على الجسر (المصدر السابق).
وجاء الغزو العثماني سنة 1517 ليجلب معه انتكاسا آخر للإسكندرية، ومع تدهور أحوال المدينة التقليدية واصلت المدينة القائمة خارج الأسوار النمو. وفي الحقيقة، استُخدمت العناصر المعمارية من المدينة التقليدية كمكونات إنشائية في الأبنية التي شيدت في هذه المدينة الجديدة مما نجم عنه ما دعاه عوض (2008) تهجين لطرز العمارة. ويحاكي طراز البناء في المدينة الجديدة، التي بناها وقطنها في المعظم أفارقة شماليون ومهاجرون أندلسيون، الطراز السائد في كثير من المستعمرات التركية بشوارعها الضيقة غير المنتظمة وندرة المساحات المفتوحة وكثافة البيئة المعمورة فيها. وجاء هذا الجزء من المدينة المعروف باسم القصبة بمثابة عمل من إنتاج رابطة الحرف التقليدية بكل ما ضمته من حرف ومهن في مجال البناء (Awad, 2008). ووصف فورستر (1986) في كتابه “Alexandria, a History and a Guide” (الإسكندرية، تاريخ ودليل) المدينة بأنها مستوطنة فيها بيوت صغيرة ومساجد لا يجاري معمارها النسق المعماري للحقبة نفسها.
ثم جاء اكتشاف رأس الرجاء الصالح ليسدد ضربة موجعة للأنشطة التجارية للمدينة (Abdel-Salam, 1995)، وواصلت الإسكندرية تقهقرها إذ ترافق ذلك الاكتشاف مع إبعاد الأتراك للعمال المهرة وفرض ضرائب عالية، فما أن حلَّت بداية القرن التاسع عشر حتى كانت المدينة قد تضاءلت لتصبح قرية صغيرة للصيد (دسوقي، 2012). ومما يؤسف له أن هذه الفترة من تاريخ الإسكندرية لم توثق توثيقاً حسناً، لكن المصادر المتوفرة تصف المدينة على نحو مخيب للآمال نوعاً ما (Hanafi, 1993) مقارنة على الأقل بجلال ماضيها التليد. وظل وضع المدينة على حالة حتى بداية القرن التاسع عشر عندما تم تعيين محمد علي والياً على مصر، عندها فقط بدأت المدينة بالازدهار من جديد (دسوقي، 2012). تضمنت خطط محمد علي الطموحة لإحياء المدينة التي كانت ذات يوم عظيمة بناء ميناء جديد وترسانة، وإعادة حفر قناة المحمدية، وتشييد قصر رأس التين، وإنشاء حي أوروبي جديد يضاهي أحياء المدن الأوروبية. وسعياً منه لجذب رؤوس الأموال الأجنبية، منح الوالي الأراضي والامتيازات للجماعات المهاجرة. واستقرت هذه الجماعات في الحي الأوروبي حديث التأسيس وانتخبت كل جماعة منها رئيساً لها وبنت مدارسها ومستشفياتها ونواديها الخاصة (Haag, 2008). وواصلت البلدة التركية أيضاً تطورها وتوسعت باتجاه المنطقة الواقعة داخل أسوار المدينة القديمة أي باتجاه مناطق ما يُعرف اليوم باسم قسم الجمرك والمنشية. ووصف فورستر البلدة التركية بأنها “منظر بديع ومفعم بسحر رقيق” (Abdel-Salam, 1995).
ويصف الكثير من الروايات المدينة في ذلك الوقت على أنها ذات طابع عالمي متحرر من العصبية المحلية (كوزموبوليتاني) تتعايش فيها بسلام ديانات وطبقات وإثنيات مختلفة؛ حتى قال عنها جاستن دوريل (1957) إنها المدينة ذات “الأعراق الخمسة واللغات الخمس والمعتقدات الاثناعشر”. إلا أن هذا لم يكن وصفاً دقيقا لواقع الحال في الحقيقة؛ إذ كان كل من الأوروبيين وأبناء البلد المصريين، أو العرب كما كان يُطلق عليهم آنذاك، يعيشون في أحياء منفصلة. وبينما كان الحي الأوروبي يتباهي بشوارعه العريضة النظيفة ومبانيه الجديدة، كانت البلدة التركية، حيث يعيش المصريون، توصف بأنها “قذرة” وأبنيتها عتيقة وبالية (Reimer, 1993). علاوة على ذلك، تركز الاهتمام مع تأسيس ’هيئة الطرق والأبنية” (Conseil de l’Ornato) سنة 1834 على تنمية الحي الأوروبي وتحسينه، كما أن أي تدخل يجري تنفيذه في البلدة التركية كان يتم القيام به خدمة لمصلحة الحي الأوروبي، من قبيل الحرص على بقاء الشوارع الضيقة في البلدة سالكة أمام حركة المرور (المصدر السابق).[3]
وتلا ذلك تنفيذ العديد من التدخلات في حي بحري، من قبيل إنشاء ترام المدينة (الترام الأصفر) سنة 1897 الذي كان يربط محطة الرملة مع قصر رأس التين، بالإضافة إلى بناء متنزه الإسكندرية الأنيق على شط البحر (الكورنيش) أوائل القرن العشرين (Awad, 1996). بالإضافة إلى الكورنيش، جرى إضافة صف من المباني قبالة البحر بارتفاعات أعلى من مباني البلدة التركية المكونة من طابقين أو ثلاثة وكانت أكثر تأثراً بالطرز الأوروبية التي شاعت آنذاك (Abdel-Salam, 1995).
وفي أعقاب انقلاب عام 1952 وما نشأ عنه من خروج جماعي للأوروبيين، أُعطيت الأولوية لبعض التطورات الجديدة على حساب الحييّن الأوروبي والتركي. ومن أمثلة ذلك مشروع طريق النصر الذي بوشر به عام 1957. وأقتضى مشروع الطريق هذا، الذي وصفته صحيفة الأهرام آنذاك بأنه “أكبر طريق في تاريخ الإسكندرية المعاصر”، مصادرة أملاك قائمة على شريط بعرض 50 متراً من أحد الأحياء التي بُنيت أوائل القرن التاسع عشر مشابه في طراز بنائه لما هو سائد في البلدة التركية، ومن ثم إزالة هذه الممتلكات لفتح المجال أمام مرور الطريق من هناك لربط ميدان المنشية بالمرفأ الغربي (بلدية الإسكندرية، 1959). ولم يقتصر الأمر هنا على عدم حفظ سجل بالمباني التي تمت إزالتها والبالغ عمرها 100-150 سنة بل ووصفت إحدى المطبوعات الحكومية الحي المُزال بأنه “أقذر الأحياء في المدينة بأكملها” وأن مبانيه قديمة وبالية (المصدر السابق) مما يظهر بجلاء انعدام التقدير لهذا الجزء التاريخي من المدينة. أما المباني الجديدة التي أضيفت إلى هذا الطريق فهي ذات طابع غريب تماماً عن الطابع المعماري المحيط بها من حيث البصمة المميزة والارتفاع والطراز، ولا تتماشى مع ما تبقى من الحي بعد الإزالة (Said, 2016).
وبالرغم من التدهور الذي ألمَّ به بتعاقب السنين، استطاع حي بحري الاحتفاظ بسحره وقيمته التراثية الهامة. فهذا المزيج من أبنيته التاريخية ومساجده ووكالاته وأسواقه الشعبية المُقامة في الشارع لا يسبغ على هذه المنطقة طابعاً فريداً وحسب، بل ويقف شاهداً على حقبة منسية من تاريخ هذه المدينة، وربما كان السبب في ذلك عائد إلى ارتباط تلك الحقبة بفترة الانحطاط. علاوة على ذلك، هبَّت أواخر القرن العشرين رياح الحنين إلى الزمن الجميل، رياح تحركت بفعل عوامل عدة منها نشر العديد من الأعمال الأدبية التي أعادت إلى دائرة الاهتمام من جديد الحي الأوروبي في الإسكندرية والمجتمع ’الكوزموبوليتاني‘ الذي كان يسكنه مما أزاح الاهتمام بعيداً عن باقي أجزاء قلب المدينة التاريخي بما في ذلك حي بحري (دسوقي، 2012)، ومن أهم هذه الأعمال رواية ميرامار (نجيب محفوظ، 1967) ومجموعة هاري تزالاس القصصية “Farewell to Alexandria” (ودعاً يا إسكندرية) (Harry Tzalas, 1997) وكتاب “Out of Egypt” (الخروج من مصر) لأندريه أسيمان (André Aciman, 1994).
سكان حي بحري
قدرت مصادر إخبارية عدد سكان قسم الجمرك سنة 2015 بنحو 187,000 نسمة، بزيادة تفوق 40,000 نسمة خلال 7 سنوات فقط بالمقارنة مع الأرقام الرسمية لعام 2008. ومن المرجح أن يكون الرقم أعلى من ذلك نظراً لوجود عدد لا يُستهان به من أبراج الشقق السكنية التي بُنيت خلال السنوات القليلة الماضية بصورة مخالفة للقانون. وفي الحقيقة، يُعتبر قسم الجمرك أحد أكثر الأقسام كثافة سكانية مقارنة بمعدل الكثافة السكانية بمدينة الإسكندرية، وذلك وفقاً لتقرير حكومي صادر عام 2010 عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار. وبحسب الخطة الرئيسية للمدينة “الإسكندرية- 2005″ الصادرة سنة 1983، يعيش 6% من سكان المدينة يعيشون في هذا الحي. بل إن هناك ما يثير قلق المرء بدرجة أكبر على صعيد حصة الشخص من المساحة المفتوحة للاستخدام العام، وهو أن عدد الأمتار المربعة لكل شخص من المساحة العامة آخذ في الاقتراب من الصفر (Abdel-Salam, 1995).
لقد أُسست هذه المنطقة على يد مستوطنين مهاجرين وكانت في القرن التاسع عشر موطناً لمزيج من الطبقات الاجتماعية والإثنيات بما فيها المصريون واليهود واليونانيون والمغاربيون والشركس-الترك، حيث سُميت الأزقة والأسواق نسبة إليهم (Halim, 2013). إلا أن ذلك تغير بصورة دراماتيكية في أعقاب صعود النزعة القومية في القرن العشرين التي أدت في النهاية إلى خروج جماعي للأجانب من مختلف أرجاء مصر.
لكن أهل حي بحري يعيشون اليوم في فقر نسبي ويعملون في مجالات وصناعات مختلفة، حيث يعمل كثير منهم صيادين أو يبيعون السمك في سوق السمك الشهير بالأنفوشي أو في حرف أخرى يرتبط بعضها بقطاع بناء السفن الذي تشتهر بها هذه المنطقة. وبحسب أحد قاطني الحي، يحبذ كثير من سكان بحري العمل “في البحر” بصرف النظر عن مستوى تعليمهم لأنه يمنحهم مستوى معين من الحرية يستحيل على “عمل عادي” أن يوفره لهم. علاوة على ذلك، يتسم المجتمع المحلي في بحري بالاستقلالية والتحفظ على العكس من كثير من أحياء الإسكندرية، إذ زعم بعض السكان الذين قابلناهم لأغراض هذا المقال أنه لا حاجة لهم بمغادرة المنطقة أو السفر يومياً من أجل العمل أو لقضاء أوقات الفراغ.
تضم معظم المباني المطلة على الشوارع الرئيسية في المنطقة أنشطة تجارية، وقد يجد المرء في بعض الحالات في الطوابق الأرضية صناعة خفيفة وطوابق سكنية فوقها وذلك مقارنة بالمباني الواقعة على شوارع صغيرة التي تكون في معظمها سكنية، مع بعض الاستثناءات. وتُعرف المنطقة أيضاً بأسواقها، وهي أسواق في الغالب شعبية تشغل أرض الشارع وتبيع سلعاً عديدة منها مثلاً الفواكه والخضار والتوابل والدواجن والسمك. وقد قامت المحافظة بمحاولات عديدة على مر السنين لإخلاء الشوارع من هذه الأسواق، لكن محاولاتها أخفقت. وعن ذلك قال بعض الباعة الجائلون إنهم دائماً يعودون إلى هذه الأسواق لأن المحافظة لم تقدم لهم بديلاً مجدياً، فيما أعرب آخرون تمت مقابلتهم عن عدم اهتمامهم بالانتقال إلى أي مكان آخر.
المزايا والإمكانات
نظراً لكون حي بحري هو الحي الأقدم في المدينة، تكمن معظم طاقاته في أصوله التراثية، مادية كانت أم غير مادية، إلى جانب أنشطته التجارية المختلفة. ويجتذب الحي كل سنة أعداداً كبيرة من السياح الذين يرنون إلى رؤية الإسكندرية “الحقيقية” والتمتع بكورنيشها التاريخي الفريد وزيارة مختلف المواقع التاريخية كالقلعة وميدان المسجد ومسجد التربانة ووكالة الشوربجي ومختلف الأضرحة والأماكن المقدسة التي يعود تاريخها إلى الحقبة الأيوبية والفاطمية، بالإضافة إلى التسوق في مختلف أسواق المنطقة وبازاراتها والتمتع بوجبة في أشهر مطاعم السمك في المدينة أو في أحد نواديها الاجتماعية على شط البحر.[4]
ولسنوات طوال، كانت المنطقة مركزاً تجارياً مهماً يحوي أسواقاً وبازارات مختلفة، الأمر الذي يحافظ بطريقة ما على إرث الإسكندرية باعتبارها مركزاً تجارياً على البحر المتوسط. وأكبر أسواق المنطقة هو سوق الميدان الذي يمتد ابتداءً من شارع الحجاري ولغاية طريق النصر بالمنشية. وربما كان أشهر أسواق هذه المنطقة سوق ’زنقة الستات‘ (سوق النساء) الذي يتردد عليه السكان المحليون والسياح على حد سواء. ومن الأسواق الأخرى الشهيرة سوق الأنفوشي للسمك وسوق ليبيا وسوق الملابس بشارع النصر بالإضافة إلى سوق العقادين حيث تُباع الخيوط وسوق الصاغة (الذهب بشكل رئيسي) بشارع فرنسا.[5]
وبينما أنت تتمشى في منطقة الأنوفشي بمحاذاة البحر، يمكنك مشاهدة ورش بناء السفن فمنطقة بحري معروفة بالحرفيين في مجال صنع السفن والمراكب من مختلف الأشكال والأحجام. ويتردد على هذه الورش سكان محليون وسياح. غير أن صناعة السفن تضررت في السنوات الأخيرة، حسب أحد أصحاب هذه الورش، جراء المناخ المالي والأمني، ولاسيما صناعة المراكب السياحية بسبب نقص الأموال وقلة الطلب عليها. ومن القضايا التي تؤثر على هذه الحرفة أن أشياء كثير جداً صارت جاهزة الصنع مثل شبكات الصيد التي كانت تُصنع يدوياً على نحو تقليدي وحلت محلها الآن الشبكات المصنوعة آلياً. وهكذا وباستثناء القلة القليلة من الحرفيين القدامى في المنطقة، أخذت هذه الحرفة في الاختفاء بسرعة نظراً لشعور الأجيال الجديدة بعدم الحاجة إلى تعلمها.[6]
إضافة إلى ذلك، تُقام في المنطقة موالد مختلفة من قبيل مولد أبو العباس ومولد الأباصيري ومولد سيدي ياقوت وغير ذلك من الشخصيات الصوفية. وتجتذب هذه الموالد السياح والسكان المحليين على حد سواء. وتشهد كثير من مناطق حي بحري تحولاً خلال هذه الموالد، إذ يتم تزيين الشوارع ويحتشد الناس لحضور الاحتفالات وتُقام جولات ركوب مختلفة للأطفال وتكون أجواء الاحتفال واللهو ظاهرة في مختلف أركان المكان.[7]
المشكلات
من أكثر المشكلات التي يواجهها حي بحري خطورةً الموجة غير المسبوقة من أنشطة البناء غير القانوني مما نجم عنه ظاهرة دعاها البعض “الأحياء الفقيرة الغالية”. تتميز المنطقة بشوارعها الضيقة كثيرة الانعطاف ومنازلها الصغيرة التي يدعوها السكان بيوت الربع. وتتألف هذه المنازل عادة من طابقين وفيها 4-5 غرف مرتبة حول فناء صغير. وتؤوي كل غرفة أسرة بأكملها وهناك حمام واحد مشترك لكل طابق. ومن المحزن أن سنوات الإهمال قد أضرت كثيراً بهذه المنازل سيما وأن سكانها ليسوا قادرين على الاعتناء بها بسبب افتقارهم للمال والمهارات. ونتيجة لذلك، تتعرض هذه المنازل للهدم ليجري استبدالها بصفوف من مباني الشقق السكنية شاهقة الارتفاع (من 15-20 طابق وأحياناً أكثر). لا تعمل هذه المباني الشاهقة الجديدة على تخريب منظر الأفق السماوي التاريخي للإسكندرية بمناراته المميزة والتي توارت عن الأنظار اليوم وحسب، بل تتسبب أيضاً بضغط غير مسبوق على البنية التحتية للحي. إذ تؤوي عمارة الشقق الواحدة 50 إلى 60 عائلة، أن لم يكن أكثر، مقابل 10-15 أسرة كانت تسكن المنزل الصغير (بيت الربع). وقد نجم عن ذلك سوء حالة الشوارع وفرط الأحمال على شبكات الصرف الصحي والكهرباء بالإضافة إلى سلبيات أخرى.[8]
وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وفي أعقاب هطول أمطار كثيفة وأحوال جوية سيئة، غمرت المياه بالكامل بعض المناطق في قسم الجمرك بسبب هبوط مستويات الشوارع وعدم كفاية شبكات التصريف. وقامت المحافظة وإدارة الصرف الصحي بتصريف المياه عقب احتجاج شديد من الأهالي.[9] علاوة على ذلك، انهارت الأبنية الجديدة غير القانونية في أكثر من مناسبة نظراً لرداءة بنائها وعدم التدعيم المناسب لقواعدها في بعض الحالات، مما أسفر عنه إزهاق أرواح كثيرين. بيد أن ذلك في الواقع لا يقتصر على الأبنية حديثة الإنشاء في الإسكندرية، إذ يحتل حي بحري المركز الثاني من حيث عدد الأبنية القديمة والمهجورة التي تهدد حالياً حياة نحو 150,000 شخص. وعلى الرغم من بذل بعض الجهود من طرف المحافظة لمكافحة هذه الموجة من الإنشاءات غير القانونية وإخلاء المباني القديمة والمهجورة وإزالتها، إلا أن تلك الجهود لم تكن كافية وبالكاد شكلت قطرة في بحر الجهود المطلوبة.
وأدى بناء أعداد كبيرة من العمارات إلى زيادة عدد سكان المنطقة إضافة إلى تغيير دراماتيكي في تركيبتها الاجتماعية. فعند هدم منزل قديم، تُصرف للعائلات التي كانت تسكنه تعويضات مالية أو تتلقى وعداً بإعطائها شققاً في العمارات الجديدة. ولكن هذه العمارات قادرة على استيعاب عدداً يفوق عدد العائلات القادمة من المنزل القديم لاحتوائها على عدد أكبر من الطوابق، وبالتالي بدأ أناس جدد على المنطقة، أو “أغراب” على حد تعبير سكان الحي، يفدون للسكن فيها. وبإمكان هذا النوع من التغيير أن يؤثر على الحس المجتمعي في الحي. وتجدر الملاحظة أن بدلات الإيجار في الأبنية القديمة متدنية وقد تصل إلى 5 جنيهات بسبب عقود الإيجار القديمة فيما يمكن أن تصل تكلفة شراء شقة في أحد المباني الجديدة إلى 500,000 جنيه.[10]
ولسكان المنطقة وجهتي نظر متناقضتين بشأن البناء غير القانوني. فمن جهة، هناك السكان الذين كانوا من قبل يقطنون منازل صغيرة قديمة متداعية مع عائلات أخرى ثم انتقلوا بعد تهدم تلك المنازل للعيش في شقق جديدة في العمارات الشاهقة، وهؤلاء لا يعارضون قيام الأبنية غير القانونية، وإن كان ولا بد فهي تبقى موضع ترحابهم لما أتاحته لهم من تحسّن الأوضاع السكنية؛ إذ وفرت لهم بيتاً أفضل بظروف أفضل ومرافق أفضل. في الجهة المقابلة، هناك سكان لا زالوا يعيشون في منازل قديمة مشتركة مع عائلات أخرى يعانون من تدهور نوعية معيشتهم المهددة أصلاً بمزيد من التدهور جراء الضغط الزائد الذي تفرضه البنايات غير القانونية على البنية التحتية للمنطقة ناهيك عن حجبها للإضاءة الطبيعية والهواء. وبالتالي، يعارض هؤلاء السكان وجود البنايات الجديدة غير القانونية معارضة تامة. من جانب آخر، يعد جمع النفايات مسألة شائكة أخرى تقض مضاجع المنطقة، فعلى الرغم من كونها مشكلة تعاني منها المدينة برمتها، إلا أن معاناة بعض المناطق، كحي بحري، هي أشد وطأة من غيرها. ويقول أحد سكان المنطقة إن القمامة تتكدس لعدة أسابيع قبل أن تقوم سلطات المدينة برفعها في النهاية وبعد صرخات احتجاج عديدة من السكان. وفي ورش بناء السفن المحاذية لشط البحر في أنفوشي، تتكدس النفايات والحطام التي جلبها هطول المطر الأخير والمد العالي على الرمال دونما أية محاولة لرفعها من هناك منذ ذلك الوقت.
تجعل ظروف الحي من قبيل غياب الأمن عن بعض مناطقه مقروناً بالطبيعة المكانية للحي بأزقته وشوارعه الصغيرة مكاناً مفضلاً لأنشطة مروجي المخدرات. ومن أشهر الأمثلة على ذلك حارة اليهود بالقرب من البوابة 10 من المرفأ الغربي للإسكندرية، وغيرها مثل حارة بندقة وحارة البطارية وحارة السعادة والموازيني وحارة حلاوة وحارة المكتب التي أصبحت جميعاً أوكاراً لتعاطي المخدرات. ويعتبر الأشخاص من خارج هذه الحارات هذه المناطق غير آمنة ويتجنبوها بأي ثمن، بينما لا يراها السكان ’خطرة‘ بصفة خاصة وقد تعلموا كيف يتعايشون مع المشاكل القائمة منذ سنين طويلة.
التدخلات
يضم حي بحري ثلاث مناطق تخضع لأنظمة حماية التراث أو أجزاء منها، وهي: الكورنيش والبلدة التركية وحدائق قصر التين. وعلى الرغم من وجود مبادئ توجيهية محددة في جميع هذه المناطق بشأن المستجدات والاستخدامات والطرز المعمارية – وذلك كجزء من قائمة المباني التاريخية في الإسكندرية- إلا أن هذه التوجيهات لا يتم إنفاذها بأي شكل من الأشكال. ففي البلدة التركية، مثلاً، التي تؤلف القسم الأعظم من حي بحري، حُدد الارتفاع الأقصى المسوح به بضعف ونصف عرض الشارع بحيث لا يتعدى حداً أقصى مقداره 22 متراً، مع وجوب احترام الطراز المعماري للمنطقة وإزالة الأنشطة الصناعية والتجارية الضارة وفقاً للتوصيات الملحقة بقوائم المباني التاريخية للإسكندرية. واليوم، تشكل مجموعات عمارات الشقق السكنية الشاهقة أغلبية المباني الجديدة لكن طرازها المعماري يتجاهل تماماً طراز المنطقة فيما الحي غارق بالأسواق والورش. وقد اقتُرحت هذه المبادئ التوجيهية بهدف الحفاظ على الطراز المعماري العضوي الفريد للبلدة التركية، غير أننا في الوقت الحاضر نفقد ذلك الطراز التاريخي بوتيرة مقلقة بسبب عدم إنفاذ تلك التوجيهات. وتحدّث سكان المنطقة عن محاولات عديدة قامت بها المحافظة للحد من أنشطة البناء الجديدة إضافة إلى حملات لإزالة المباني المنشأة بصورة غير قانونية، بيد أن هذه الجهود ما تزال غير كافية لمواجهة الموجة السريعة والكثيفة للإنشاءات غير القانونية. وهناك أيضاً محاولات تقوم بها الحكومة لتحسين أداء البنية التحتية التي تتدهور حالتها بصورة سريعة، حيث يتم تخصيص ميزانيات لتصليح أرضية الشوارع وإنارتها بالإضافة إلى إجراء بعض التحسينات على شبكات الصرف الصحي (محافظة الإسكندرية، غير مؤرخ).
ومن حيث التدخلات في المنطقة، تُبذل بعض جهود للحفاظ على الطابع العمراني من قبل الحكومة في محاولة للمحافظة على بعض معالم المنطقة التاريخية وتجديدها من قبيل وكالة الشوربجي ومسجد تربانة وميدان المسجد (الذي يشمل مسجد أبو العباس). ولكن هذه التدخلات اتبعت نهجاً تدريجياً يُعنى فقط بالبناء وأخفقت في التعامل مع سياقه المادي وسياقه الاجتماعي-الاقتصادي. ولا يعد نهج الحفاظ على الطابع التاريخي جديداً على المنطقة، ففي أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين قررت لجنة المحافظة على المعالم التاريخية للفن العربي إدراج بضعة مساجد فقط من المنطقة بأكملها، وفوق عدم اقتراحها لأي شيء بالنسبة للسياق المحيط بهذه المساجد، لم تُعر اللجنة لهذا المحيط أية أهمية.[11] كان هذا النهج شائعاً فيما مضى لأن مجال الحفاظ على الطابع العمراني كان لا يزال في بداياته، أما اليوم فالأمر مختلف. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن هذا النهج في المحافظة على الطابع العمراني ليس قضية محلية منحصرة في حي بحري أو حتى في الإسكندرية، لكنه يعدُّ مشكلة على نطاق البلد كله. وتعتبر أعمال ’تجديد‘ وسط مدينة القاهرة مثالاً واضحاً على ذلك.[12] ويمكن للمرء أن يرى تجديدات تجميلية مشابهة في الكورنيش بمنطقة بحري حيث يتم طلاء الواجهات الخارجية قبالة البحر، مع تجاهل طلاء الواجهات الجانبية.
وما تزال أعمال الترميم في بنائي الشوربجي والتربانة غير مكتملة. وكان مبنى الشوربجي، الذي يتألف من مسجد ودكاكين وأحياء سكنية، قد تم إخلاؤه قبل نحو 6 سنوات من أجل القيام بأعمال ترميم، غير أن مستأجري الدكاكين والسكان عادوا إلى أماكنهم من جديد. وقد تمت إعادة تعمير بعض أجزاء البناء وترميمها، لكن البناء لا يزال بحاجة إلى ترميم. وقال أحد أصحاب الدكاكين في الشوربجي إنه لم تجر أية أعمال ترميم منذ سنوات. الحال نفسه ينطبق على مبنى التربانة حيث لا يزال المسجد مغلقاً رغم رغبة السكان في رؤيته مفتوحاً للصلوات. علاوة على ذلك، تم أيضاً إخلاء الدكاكين أسفل المسجد، حسب مصادر إخبارية، قبل نحو 6 سنوات دون إعطاء مستأجري هذه الدكاكين أية تعويضات رغم أنهم وُعدوا بالانتهاء من أعمال الترميم خلال 24 شهراً. ولكن المشروع توقف بسبب مصاعب مالية، فيما يطالب أصحاب/ مستأجرو الدكاكينبتعويضات عن الفترة التي أُجبروا فيها على إغلاق محالهم.
بالنظر إلى المعيار المتحقق في منطقة بحري، كانت التدخلات التي نُفذت هناك والتي اعتمدت في المعظم نهجاً نزولياً من القمة إلى القاعدة غير قادرة على مواكبة وتيرة التطور في تلك المنطقة. ومما زاد من تعقيد الوضع أن التطورات الجديدة في المنطقة تجاهلت تماماً قوانين البناء والأنظمة المعمول بها مما يشكل خطراً على السلامة إضافة إلى إلحاقه الضرر بالطابع الفريد لحي بحري.
الخلاصة
لا ريب أن حي بحري هو أحد أكثر الأحياء أهمية من الناحية التاريخية والتجارية في مدينة الإسكندرية. ولكن هذه الأهمية لا تعكسها درجة العناية المخصصة له. وربما كان السبب في ذلك عائد إلى كون كثيرين قد ربطوه، على مدى السنين، بفترة الانحطاط من تاريخ المدينة، بالإضافة إلى سرديات بعض المستشرقين التي تكرست في الماضي والتي كانت ترى أن حي بحري ليس أكثر من مجرد ’مكان ساحر‘، ولكنها فشلت في تقدير قيمته التاريخية والمعمارية والاقتصادية. ونظراً لعدم قيام محاولات حقيقية لتغير هذه السرديات، لا تزال هذه السرديات شائعة اليوم في وقت لا يزال فيه حي بحري يشكل مقصداً سياحياً مهماً لم تُستغل كل إمكاناته بعد.
وكانت معظم التدخلات التي نُفذت في المنطقة من طرف الحكومة أو المحافظة تقوم على أساس مؤقت ومحدد الغرض ولم تقدم خططاً أو حلولاً طويلة الأمد للمشكلات التي تواجهها هذه المنطقة والتي ربما كان أهمها أنشطة البناء غير القانونية. ولكن، هذه المشكلة مشكلة المدينة كلها وهي ناجمة عن مجموعة من العوامل، من قبيل انعدام الإرادة السياسية، وعدم استقرار المناخ السياسي والأمني، والافتقار إلى التوسيع العمراني المناسب للمدينة بحيث يستوعب النمو السكاني فيها. كما تظهر هذه التدخلات انعدام القدرة على التعامل مع النسق المعماري الفريد للمنطقة على مر السنين، سواء أكان من طرف لجنة المحافظة على المعالم التاريخية للفن العربي أو هيئة الطرق والأبنية أو القسم أو وزارة الآثار. وإذا ما استمر كل هذا دون أن يعترض سبيله شيء، فإن عواقب وخيمة ستنزل بالبنية التحتية الرازحة أصلاً تحت الخطر ناهيك ضياع الهوية المميزة لشخصية هذه المنطقة وطابعها الفريد إلى الأبد.
[1] Okelles هي الكلمة الفرنسية المرادفة لوكالة بالعربية. وتشير إلى نوع من الأبنية المحلية، كان مصحوباً باحتياجات المستعمرة من اللهو والتجارة. وبينما كان يُخصص الطابق الأرضي من الوكالة للأنشطة التجارية، كان الطابق الثاني بمثابة فندق للتجار والاستخدامات السكنية. وكانت الوكالات تضم أحياناً مقهى ومسرح ومكتب بريد أوروبي. وعلى النقيض من كلمات مثل بنغالو، أي منزل من طابق واحد، وفيراندا، وتعني شرفة مسقوفة، وهما من أصول هندية دخلتا الاستخدام العام للثقافات الاستعمارية، بقي استخدام وكالة مختصاً بالأبنية في الإسكندرية.
[2] العصر الهيليني في شرق المتوسط والشرق الأوسط هو الفترة الواقعة بين وفاة الإسكندر الأكبر سنة 323 قبل الميلاد واستيلاء الرومان على مصر سنة 30 قبل الميلاد.
[3] Conseil de l’Ornato هي أول هيئة عصرية للطرق والمباني في الشرق الأوسط، وكان يهيمن عليها الأوروبيون في الغالب حيث صيغت على غرار الهيئات في المدن الإيطالية. وكانت مسؤولة عن وضع أنظمة البناء وإنفاذها وتخطيط الشوارع وتسميتها.
[4] النادي اليوناني، ونادي اليخت، ونادي الرماية بالإسكندرية، ونادي الفراعنة.
[5] مقابلة أجرتها الكاتبة مع أحد السكان العاملين في المنطقة في 31 كانون الثاني/ يناير 2017.
[6] مقابلة أجرتها الكاتبة مع أحد أصحاب الدكاكين في 24 كانون الثاني/ يناير 2017.
[7] مقابلة أجرتها الكاتبة مع أحد السكان العاملين في المنطقة في 31 كانون الثاني/ يناير 2017.
[8] مقابلة أجرتها الكاتبة مع أحد السكان العاملين في المنطقة في 31 كانون الثاني/ يناير 2017.
[9] مقابلة أجرتها الكاتبة مع أحد السكان العاملين في المنطقة في 31 كانون الثاني/ يناير 2017.
[10] مقابلة أجرتها الكاتبة مع أحد أصحاب الدكاكين في 24 كانون الثاني/ يناير 2017.
[11] وهي مؤسسة أُنشأت في القرن التاسع عشر وكانت مسؤولة عن المحافظة على المعالم التاريخية الإسلامية والقبطية في مصر وتتبع لوزارة الأوقاف.
[12] بوشر بتنفيذ مشروع تجديد كبير لإحياء ’المجد السابق‘ للقاهرة أيام الخديوية. إلا أن هذا المشروع لم يتعدى كونه ’عملية شد للوجه‘ كما وصفه كثيرون لأن هذه التجديدات كانت تجميلية في طبيعتها وحسب من قبيل طلاء الواجهات ورصف الشوارع وزراعة أشجار جديدة واستهدفت الإطار الخارجي للمباني فقط من غير اتباع الإجراءات المناسبة حتى في هذا، بينما تُركت الأبنية من الداخل والبنى التحتية لتتدهور. وكذلك دعا المشروع إلى إزالة الباعة الجائلين والمقاهي ونقلها إلى مكان آخر لتغيير روح وسط المدينة التي كانت لها رونقها فيما مضى. علاوة على ذلك، اجتذبت هذه التجديدات استثمارات استهدفت السكان الأيسر حالاً وليس سكان وسط البلد. وبمرور السنين، تعرض المشروع لنقد شديد بسبب مخاوف تتعلق بالاستدامة وتحويل أحياء الفقراء إلى ضواحٍ للأغنياء.
الأعمال التي تم الاستشهاد بها
Abdel‐Salam, Hassan. 1995. “The Historical Evolution and Present Morphology of Alexandria, Egypt.” Planning Perspectives 10 (2): 173–98. doi:10.1080/02665439508725818.
محافظة الإسكندرية (غير مؤرخ).”خريطة التقسيمات الإدارية بالمنطقة.“ بالرجوع إليه في 2 ديسمبر 2017، http://www.alexandria.gov.eg/Government/districts/gomrokdistrict/Map.aspx
بلدية الإسكندرية 1959. بلدية الإسكندرية في حقبة الثورة. الإسكندرية.
Awad, Mohamed F. 2008. Italy in Alexandria: Influences on the Built Environment. Alexandria: Alexandria Preservation Trust.
Awad, Mohamed. 1996. “The Metamorphosis of Mansheya.” Mediterraneans, 8/9, 42-58.
دسوقي، محمد. 2012. ”العلاقات المتبادلة بين الفضاء العمراني وبين الذاكرة الجماعية.“ أطروحة دكتوراه. جامعة القاهرة، القاهرة.
Fahmy, Khaled. 2012. “The Essence of Alexandria, pt. 1” Manifesta Journal 14 (January): 64-72. https://www.manifestajournal.org/issues/souvenirs-souvenirs/smell-alexandria-archiving-revolution-0#.
Haag, Michael. 2008. Vintage Alexandria: Photographs of the City, 1860-1960. Cairo: American University in Cairo Press.
Halim, Hala. 2013. Alexandrian Cosmopolitanism: an Archive. New York: Fordham University Press.
Hanafi, Mohamed Assem Mahmoud. 1993. “Development and Conservation with Special Reference to the Turkish Town of Alexandria.” PhD diss., University of York. http://etheses.whiterose.ac.uk/id/eprint/10921.
الصورة الرئيسية: حسام الحملاوي. التصميم: مبادرة تضامن
The content of this website is licensed by TADAMUN: The Cairo Urban Solidarity Initiative under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-ShareAlike 3.0 Unported License
Comments